اسم الكتاب: المحكمة الجنائية العراقية العليا دراسة في مبادئ العدالة
تاليف: محمد رشيد حسن
اكاديمية التوعية وتاهيل الكوادر
السليمانية 2012
التصميم: فهمي جلال
عدد النسخ: 1000 نسخة
المقدمة
جاء تشريع قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا ليضع حدا فاضلا لكثير من الفوضيات والمقترحات القانونية المطروحة لبحث والاستقصاء عن حقيقة الجرائم التي حصلت في العراق خلال فترة حكم حزب البعث في العراق.
ان بشاعة الجرائم والكم الهائل التي خلفتها من الضحايا والاثار السلبية التي تركتها وستتركها هذه الجرائم على المجتمع العراقي جعل من الصعوبة بمكان ان يكون التوصيف القانوني لهذه الافعال وتكييفها بمقتضى القانون العراقي، هذا ما اقتضى من المشروع ان يركن الى القانون الجنائي الدولي باعتبار ان ما حصل في العراق من جرائم تمثل اعتداء على المصالح القانونية التي يحميها قواعد القانون الجنائي الدولي. ص7
*اكتسبت المحكمة شرعية وجودها من نص المادة 134من الدستور ذاته التي اجازت استمرار المحكمة الجنائية العليا باعمالها بوصفها هيئة قضائية مستقلة مختصة بالنظر في جرائم النظام السابق ورموزه. واجاز لمجلسالنواب الغاءها بقانون.
*ان اعتراف الدستور العراقي النافذ لعام 2005 بالمحكمة الجنائية العراقية العليا قد يؤدي الى اضفاء نوع من الشرعية الدستورية على المحكمة باعتبارها هيئة قضائية وطنية مستقلة، وان كان الدستور العراقي ينص على بعض الضمانات الموضوعية والاجرائية للمتهم تتعارض مع ما جاء في قانون المحكمة ذاتها. ص33
*ان المحكمة تختص بالنظر في الجرائم التالية:
1- جريمة الابادة الجماعية.
2- الجرائم ضد الانسانية.
3- جرائم الحرب.
4- انتهاكات القوانين العراقية. ص36
*ان المحكمة العراقية العليا تمارس اختصاصها القضائي على جرائم ارتكبت في الماضي، وحددتها بالمدة بين 17/7/1968 الى 1/5/2003 اي من تاريخ حدوث الانقلاب البعثي في تموز 1968 الى ذالك اليوم الذي اعلن فيه رسميا انتهاء العمليات العسكرية الامريكية في العراق. ص48
*وجوب توافر العناصر الاتية لتحقيق مسؤلية الرئيس الاعلى:-
اولا/ وجود علاقة بين الرئيس ومرؤوسيه
ثانيا/ اذاكان الرئيس قد علم بوقوع الجريمة او علم بانها على وشك ان تقع
ثالثا/ عدم اتخاذ الاجراءات الضرورية لمنع وقوع هذه الافعال ص64
*هل ان للمحاكم الجنائية العراقية المكنة القانونية لمقاضاة اشخاص قد يكونوا متهمين بارتكاب جرائم الحرب، والجرائم ضد الانسانية، وجريمة الابادة الجماعية؟ ويبدو لنا ان الجواب على هذا التساؤل يكون بالايجاب في حالتين فقط وهما:
اولا/ تعديل قانون العقوبات العراقي وذالك بايراد نصوص قانونية جديدة تتضمن الجرائم المذكورة.
ثانيا/ انشاء محاكم جنائية خاصة على شكل وحدات لمعاقبة مجرمي الحرب (صغار مجرمي الحرب) ص75
*لقد ادرك واضعو قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا، اهمية مبدا افتراض براءة المتهم، حيث نصت المادة 19/ ثانيا عليه بقولها:(المتهم برئ حتى تثبت ادانته امام المحكمة وفقا للقانون)،بل انه اصبح مبدا دستوريا حيث نص عليه الدستور العراقي في المادة 19/ خامسا بقوله (المتهم برئ حتى تثبت ادانته في محاكم قانونية عادلة). ص86
*ان من اهم مستلزمات المحاكمة العادلة استقلال القضاء وحياد القضاة، فيجب على صناع القرار القضائي ان يكونوا متجردين من اية انتماءات او ولاءات او اية عواطف يمكن ان تؤثر على سير العدالة. ص103
*ان هيبة الدولة من هيبة القضاء وقوته، فاذا ضعف القضاء، ضعفت الدولة، ولهذا فان من الاهمية بمكان الحيلولة دون تدخل اية جهة او سلطة في اعمال القضاء لتوجيه وجهة معينة او لعرقلة مسيرته الطبيعية. ص104
*يستند استقلال قرار القاضي في اصدار الحكم على مبدا استقلال القضاء ويتحقق مبدا استقلال القضاء باعمال مبدا الفصل بين السلطات. ص108
*ان النتيجة التي يهدف اليها استقلال القضاء هي جعل القضاء سلطة وليس وظيفة وهذا ما يترتب عليه عدم تمكن السلطة التنفيذية والتشريعية من عزل القاضي او نقله او محاسبته وحصر ذالك بمجلس القضاء الاعلى وهذا ما يعرف بمبدا استقرار الوظيفة القضائية والذي يجب اعماله في قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا. ص111
*يعد حق المتهم في الاستعانة بشهود النفي من مستلزمات حق الدفاع، فللمتهم الحق في ان يطلب من المحكمة استدعاء شهود النفي وسماع شهادتهم في شان الاتهام المسند اليه، وينبغي على المحكمة ان تستجيب له للوقوف على حقيقة الاتهام، خاصة وانها صاحبة الاختصاص الوحيد في التحقيق النهائي في الدعوى. ص133
*ان تمكين المتهم من الاستعانة بمحام في مرحلة المحاكمة امر في غاية الاهمية لان المحامي يساعد المتهم في دفاعه. ويتمثل الدور الاساس للمحامي في تقديم اوجه الدفاع الملاءمة بهدف اظهار براءة المتهمين التهمة المنسوبة اليه، وفي حالة قناعته بان موكله مذنب، يقوم بطرح الظروف التي تؤدي الى تخفيف مسؤوليته، بالاضافة الى انه يساعد القاضي على معالجة القضية المعروضة بصورة موضوعية تجنبه الوقوع في الخطا الذي تتاذى منه العدالة وتستاء منه النفس البشرية. ص135
*من واجبات المحامي اثناء دفاعه عن المتهم
1- الجدية في الدفاع عن المتهم
2- الاتصال بالمتهم في اطار من السرية
3- التزام المحامي بعدم اثارة الفوضى والقلاقل او ارتكاب الجرائم داخل قاعة المحكمة ص137
*من منطلق اهتمام المحكمة بحقوق المتهمين، فانها اثرت انشاء وحدة قانونية في المحكمة تسمى (مكتب الدفاع)، ومن بين الوظائف التي يؤديها المكتب تقديم المشورة والمساعدة للاشخاص المتهمين الماثلين امام المحكمة، وهذا الاسلوب المتبع في المحكمة الجنائية العراقية العليا مماثل لما تضمنه النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية من وجوب توفير المساعدة القانونية اذا كانت مصلحة العدالة تقتضي ذالك. ص140
*الحق في المحاكمة دون تاخيرغير مبرر لا يعني التسرع في الاجراءات القضائية، فالمحاكمة المتسرعة هي المحاكمة التي تجري بالمخالفة لضمانات الدفاع وبالمخالفة لشرط القاضي الطبيعي وطرق الطعن، وهذا النوع من المحاكمات يخالف حقوق الانسان، فالقضاء الجنائي لا يعرف القضاء المستعجل الذي تعرفه المنازعات المدنية. ص164
الخاتمة
ان المحكمة الجنائية العراقية العليا تمثل نموذجا جديدا للمقاضاة عن تهم الابادة الجماعية، والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب (فهي محكمة وطنية مدولة)، وتكمل الخيارات المتاحة للمقاضاة عن هذه الجرائم والمتمثلة بالمحاكم المؤقتة والمختلطة،ر وقد لاحظنا ان اللجوء الى خيار المحكمة الجنائية العليا مثل – لاسباب قانونية وسياسية – الخيار الوحيد لمقاضاة اركان النظام السابق بعدما طرحت عدة فرضيات وتصورات قانونية لمسائلتهم جنائيا، ومن المهم ان نشير الى الدول التي تتخذ انشا محاكم جنائية للمساءلة عن ماسي الماضي تحتاج الى مساعدة قضائية جنائية غير منحازة وهذا ما يمكن ان يتحقق في منظمة الامم المتحدة، ولم يتم الاستعانة بالخيرات الاممية في هذا المجال ولعبت الولايات المتحدة الامريكية دورا اساسيا في ادارة العملية وهذا ما يمكن عده سببا رئيسيا في عدم الاستعانة بالخبرات الدولية الازمة لعمل هذه المحكمة. ص235