اسم الكتاب: التسامح الديني العراقي لمجابهة الارهاب والعنف
بقلم: جرجيس كوليزادة
تصميم وغلاف: هاوبش عثمان
عدد النسخ: 1000
منشورات مكتب الفكر والتوعية في الاتحاد الوطني الكردستاني
*المراجع الاسلامية مدعوة لاطلاق تفسير موحد سلمي ومتحضر لاليات الراي المعارض
من ينظر الى الواقع السياسي والاسلامي في منطقة الشرق الاوسط والمناطق القريبة منها، يجد ان الشعوب القاطنة في هذه البلدان مبتلاة بواقع ماساوي يتسم بالعنف واعمال الكراهية التي تعيد بالانسان الى عصور قديمة، هذا الواقع بات معرقلا اساسيا لتطور المنطقة ومبعدا رئيسيا لاسباب التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات القاطنة فيها، والمعايشة الحقيقية للاحداث برهنت ان اسباب العنف المستوطن المتسم بالارهاب غير المبرر تعود الى ثلاث محاور اساسية لا رابع لها، الاول هو الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الذي مر عليه عهود طوال من الزمان واخذ في السنوات الاخيرة يسلك مسالك العنف الدموي الشديد، والثاني هو تسلط انظمة الحكم في المنطقة وغياب الديمقراطية والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطن وفق ما اقرته اللوائح الدولية المعترف بها على نطاق الامم المتحدة، اما الثالث فهوغياب التفسير الانساني المتحضر المعاصر المنسجم مع متطلبات العصر، لقضايا المعارضة والمقاومة والجهاد، في الفكر التطبيقي والنظري للاسلام.ص6
*لكل فقيه تفسير وتبرير وفتاوي، ولكل مرجع حجج ومساند، ولكل جماعة او منظمة او تنظيم اسلامي سلفي بيانها وتحليلها، ولكل حركة اسلامية غير سلفية او معتدلة تبريراتها وارائها المستندة الى مراجع مثبتة ومصدقة. ص12
*ان اساليب المطالبة التي طرحتها شعوب ومجتمعات الدول الشرقية عند تحررها من هيمنة المعسكر الروسي في بداية التسعينات من القرن الماضي، والاساليب والخيارات السلمية التي لجات اليها المعارضات في تلك الدول، شكلت نقلة نوعية في الفكر الانساني لطرح الراي المقابل. ص14
*لعب نظام صدام دورا مهما في تادية ادوار اقليمية في المنطقة على حساب الشعب العراقي، فكانت الادوار تارة تصب في اتجاه اشعال الحرب ضد الكرد العراقيين في اقليم كردستان ومصادرة حقوقهم القومية، وتارة في اتجاه ايران وتارة في اتجاه غزو الكويت وتارة في اتجاه الخليج، حتى اتت عليه عاصفة الصحراء فكانت الضربة الموجعة التي ترتبت على مغامرة احتلاله للكويت. ص17
*بعد الاحداث الدراماتيكية لفترة التسعينات، والانتهاء من نظام صدام في مطلع القرن الجديد، شهدت منطقة الخليج والشرق الاوسط حضور ووجود حيوي ومباشر لقوى دولية في المنطقة. وشهد العراق حضور لقوى التحالف التي شاركت وساعدت العراقيين في تخلص العراق من صدام. وهذا سبب تغييرا في مواقع اولويات السياسة الدولية في المنطقة. ص18
*ان الاحداث التي يعيشها العراقييون ليست باليسيرة ولا بالهينة، ولا نظير لها في حياة المنطقة. والمسالة متعلقة بهؤلاء من اخواننا في الجيرة من اهل الاوطان المجاورة للعراقيين، وهم يتلقون بين الحين والاخر اخبار اخوانهم او ابنائهم وهم مفجرين انفسهم في العمليات الانتحارية او مقتولين في العمليات الارهابية التي يرتكبونها داخل المدن والمناطق العراقية. ص27
*ضمن التوجهات العراقية للقيادة الكردستانية التي احرزت قائمة تحالفها في انتخابات الثلاثين من كانون الثاني المرتبة الثانية بعد الائتلاف الغراقي الموحد، عارضت القيادة فكرة اقامة دولة اسلامية على غرار الدول المجاورة للعراق كايران والسعودية بسبب الغالبية الضئيلة التي حققتها الكيانات السياسية والدينية الشيعية في الانتخابات، والنسبة القليلة التي حصلت عليها الكيانات السياسية من عرب السنة. وجاءت المعارضة الكردية ضمن رؤيتها واستراتيجيتها السياسية الرامية الى ارساء عراق جديد فيدرالي ديمقراطي تعددي، وفق القواعد المعاصرة التي تعتمد عليها بنيان الدولة الحديثة وهي حقوق الانسان وحماية الحريات الفردية، والاعتراف الدستوري الكامل بحقوق القوميات والاقليات، والاقتصاد الحر، والانتقال الديمقراطي للسلطة وفق اختيار الشعب وفصل السلطات. ص38
*من باب الاستحقاق الحقوقي لمطاليب الكرد، يذكر ان القيادة الكردستانية ربطت كل تحالف مع اي قوة سياسية عراقية فائزة في الجمعية الوطنية بموافقتها على الفيدرالية وضم مدينة كركوك التي تعرضت للتعريب والتغيير القومي القمعي ابان النظام السابق الى اقليم كردستان، والبيشمركة المستقلة كقوة محررة ومستقلة للدفاع عن الكرد، وهذا ما اعلن عنها زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني السيد جلال طالباني في احدى مقابلاته، جريدة "الاتحاد" 941 ص43
*من المظاهر الجديدة التي برزت الى حياتنا في مرحلة التسعينات وقبلها بسنوات قليلة، ظاهرة العنف والارهاب الديني السياسي التي اخذت اشكالا مختلفة من الاساليب، في افغانستان والشرق الاوسط وشمال افريقيا ودول اخرى تعود الى مجموعة الدول الاسلامية. وبناءا على التجربة التي مرت بها المنطقة فان شدة بروز العنف او الارهاب او الميل اليه تتوقف على مجموعة واسعة من العوامل منها العقائد الدينية والدوافع المذهبية والتكوينات الاجتماعية ومستويات الفقر والقيم الثقافية ونوعية التقاليد والعادات والتكوين التربوي الذي يحظى به الافراد والجماعات، وليس اخيرا، بل اول العوامل النظم السياسية القائمة في المنطقة العربية والدول الاسلامية. ص45
*الحق يقال ان الفراغ الامني والاداري في الذي سيطر على واقع امور الحياة في بدايات تاسيس السلطة الوطنية العراقية بعد التاسع من نيسان، ساعد على بروز تلك الجماعات الارهابية، مع وجود اسباب اخرى مثل ظهور مستويات الفقر الشديد في وسط العراقيين وانتشار بطالة كبيرة مع زيادة حجم الفئات الاجتماعية الهامشية، جميعها عوامل داخلية ساعدت على اتساع دائرة العنف والارهاب ضد العراقيين وضد السلطة الوطنية العراقية، ومما يؤسف لها ان شواهد العنف تجسدت منذ الايام الاولى للعهد الجديد الذي تلى سقوط نظام صدام عبر اتساع عمليات النهب والسرقات للممتلكات والاموال العامة وحرق المؤسسات والدوائر الحكومية، التي اخذت الطابع العفوي من قبل المحرومين من ابناء الشعب العراقي ابان العهد البائد، والطابع المنظم من قبل جهات وجماعات دولية وغير دولية. ص48
*من الناحية النظرية والتطبيقية، تظهر تجارب الامم والشعوب والدول والافراد في حالات الحرب، ان السلوك الاجتماعي والفكري والروحي للجماعات والافراد المشاركة في الحروب وبالاخص منها المغذية بالثقافة العنصرية والاستبدادية والناكرة لذاتية الانسان والنافرة للسمات الانسانية، كثيرا ما يتسم بالقسوة المفرطة والميل للعنف والاذية حتى في ظروف السلم والحياة العادية. فثقافة الحرب لا تعرف السلوك السوي والسامي للانسان ولا تعرف معاني التفاهم واحترام الراي الاخر والتسامح، وهذه الثقافة تساعد على تشكل ارضية خصبة لممارسة العنف والجريمة والارهاب. ص50
*هنا لا بد لنا من القول ان العملية الانتحارية الارهابية هيهات هيهات ان تؤثر على معنويات الكورد والعراقيين، صحيح انها تشكل بنتائجها ماساة خسارة كبيرة، لكنها في عين الوقت فانها تشكل حافزا قويا على توحيد الجهود الكوردستانية في الاقليم، وتعزيز جهود اكثر لدى الحكومة العراقية الاتحادية لمحاربة الارهاب. والاصرار ستكون اكبر واشد للشعب الكوردي في اقليم كردستان والامة العراقية على بناء العراق الجديد بقوة اكثر، ومحاربة الارهاب بهمة اكثر حتى تنجلي من ارض العراق كل اشكال الارهاب، وستكون للشرطة ورجال الاسايش والبيشمركة في اقليم كوردستان، وللشرطة وقوات الحدود وقوات الجيش العراقي، البواسل الشجعان، القول الفصل في خلاص العراق الجديد من هذا العدو الهمجي، وهذا ليس ببعيد لان شهداء شرطة كردستان والعراق اصبحوا حبالا باعناق الارهاب، وما افعالهم الشريرة الاخيرة الا دلائل على انهيار معنوياتهم وانهيار صفوفهم. وستكون ارواح الشهداء ساترا واقيا في السماء والارض لحماية هذا البلد الامين، اقليم كوردستان بلد سلاما وبردا في الكتاب العزيز، وبلد العراق الفيدرالي بلد النخيل المكرم في قران المسلمين. ص67
*من خلال هذا المنبر الحر، نطرح مشروعا وبرنامجا للعراقيين والجهات المعنية بالامر في العراق واقليم كوردستان، بهدف غرز ثقافة السلم والتسامح لمجابهة ثقافة العنف الدموي الذي يفتك بالساحة العراقية بفعل عوامل ارهابية خارجية لا تريد للعراقيين خيرا ولا سلاما. راجينا دراسته وتبنيه من قبل الجهات العراقية المعنية من اجل المساهمة والمشاركة بصورة فعالة في ارساء ستار واقي من ثقافة مؤمنة بالتسامح والعيش المشترك على اساس تقبل الاخر بغض النظر عن القومية والدين والجنس، والطوائف الدينية الاخرى في العراق تلعب دورا هاما ورئيسيا في هذا المجال. ص68
*في الختام لا بد ان نؤكد ان ثقتنا كبيرة بالمرجعيات ورجال الدين الافاضل في العراق، بجميع مذاهبهم وطوائفهم، سنيا او شيعيا او مسيحيا او يزيديا او صابئيا او مندائيا، وهؤلاء اهل لحمل هذا اللواء، لواء التسامح والسلام، كما حملوه في الماضي والحاضر لنشر ثقافة الاخاء والعيش المشترك، واليوم جديرون ايضا بحمل ونشر لواء تقبل واحترام الاخر بغض النظر عن الدين والقومية والجنس، على اساس مراعاة وتثبيت جميع الحقوق الاساسية للانسان العراقي خاصة منها الحرية والعيش بكرامة لاجل تامين حياة امن ومستقبل زاهر لكل العراقيين. ص78