اسم الكتاب:الدولة الايوبية في اليمن
د.فرست مرعي
التصميم والغلاف: اميرة عمر
عدد النسخ:1000
الطبع:موسسة حمدي للطباعة والنشر
من منشورات اكاديمية التوعية وتاهيل الكوادر
مقدمة
الايوبيون احدى الاسر الاسلامية التي حكمت المشرق الاسلامي لاكثر من ثلاثة ارباع القرن اعتبارا من 569هجري /لغية 647/1250م.
وهم ينتمون من ناحية الاصل الى الجنس الكردي، ذالك الجنس الذي يقع موطنه في قلب الاحداث التي عاصرت المشرق الاسلامي ابان عصر الحروب الصليبية، فكان لهم دور لا يستهان به مع اشقائهم العرب والتركمان ومن ثم العمل على تحرير المشرق الاسلامي منهم.
اما بخصوص جنسية الايوبيين فانهم يرجعون في اصولهم الى الاكراد الروادية، وهم احدى فروع القبيلة الهذبانية التي كانت قد استقرت في بلدة دوين الواقعة في اقليم الران نهاية اقليم اذربيجان.
*بعد ان اعاد تورانشاه الاوضاع الى طبيعتها في مدينة زبيد واصلح امورها، دان اهلها بالطاعة والولاء، واعاد الخطبة للخليفة العباسي، وخطب له بعد الخليفة في جميع ما فتحه بعد ذالك من البلاد. ثم غادر تورانشاه زبيد في اوائل شهر ذي العقدة سنة 569 هجري بغية فتح جميع الحصون والقلاع التابعة لبني مهدي فسار الى مدينة الجند واستولى عليها، ومنها توجه الى مدينة تعز فدخلها ولم ينازعه احد، ثم سار الى حصن صبر وذخر بالقرب من تعز ولكنه لم يستطع السيطرة عليهما
بسبب مناعة حصونهما واستبسال اهلها وصمودهم، وعدم توفر الوقت الكافي له ولجيشه الاستمرار فرض الحصار، ففضل تركهما لمناسبة قادمة.
*لما راى صلاح الدين الايوبي استقلال نواب اخيه تورانشاه كل ما تحت يديه من مناطق، ادرك بثاقب نظره ان عليه توحيد بلاد اليمن في ظل قيادة واحدة قبل ان تفلت الامور الى غير رجعة وان تخرج اليمن من السيطرة الايوبية، حيث كان الصراع قد احتدم الى حد كبير بين نواب اخيه.
*كان السلطان اسعد بن علي الصليحي صاحب حصن قيظان احد بقايا الصليحيين ومن الموالين لبني زريع قد ساورته الشكوك من نية الايوبيين ، خاصة بعد اقتحامهم لحصن حب وقتل جميع من فيه، ذالك ارسل ولده منصور الى الملك العزيز طغتكين عارضا عليه الخضوع والدخول في الطاعة، الا ان هذه الطاعة لم تكن موضع ثقة بسبب الخلاف المذهبي بين الايوبيين السنة والصليحيين الباطنيين من جانب، ومحاولة اسعد الصليحي دعم اصحاب حصن حب من جهة اخرى، فضلا عن بقائه مسيطرا على حصن قيظان.
*لقد عاصرت الزيدية فترة دخول الايوبية الى اليمن وما قبلها بقليل لعدم وجود امام الذي شغر بعد وفاة الامام احمد بن سلمان سنة 566 هجري، فلما كانت سنة 583 هجري اقامت الزيدية عبد الله بن حمزة بامر الاحتساب وهو رتبة تلي الامام في النظام الزيدي في منطقتي صعدة والجوف،حيث يقدمن معاقل المذهب الزيدي فلما توجه الملك العزيز طغكتين لفتح مدن وحصون بني حاتم سنة 585 هجري ارسل مجموعة من قواته الى منطقتي متيك وبني ساور- شمال (صنعاء) فاستولت على حصونها، مما ادى الى حدوث اضطراب في صفوف الزيدية.
*تولى المعز اسماعيل الحكم في اليمن بعد وفاة والده طغكتين سنة 593 هجري وقد سبق له وان تولى حكم صنعاء، منطقة كوكبان وبلاد الظاهر نيابة عن ابيه، وكان اهل هذه المنطقة بحكم انتمائهم الزيدي يوالون الامام، ومما جعل انصار المعز يعاملونهم معاملة قاسية بموافقة المعز، لذا طلب اهل تلك المنطقة المساعدة من القبائل المجاورة للتصدي للايوبيين، وهذا ما حدث فعلا حيث تمكنوا حسب الروايات من قتل حوالي 700 رجل من الايوبيين اضافة الى نهب اموالهم وعقر خيولهم، فاثار ذالك غضب الملك العزيز طغتكتين حيث ارسل لهم حملة عسكرية اثخنت فيهم وقتلت منهم نحو مائتي رجل.
*رغم خوف الامام من احتمال سقوط صنعاء بيد شهاب الجزري، الا انه فضل ان يقاتل الجيش الايوبي المتبقي في ذمار فاذا ما تم القضاء عليه، تحول الى شهاب الجزري في صنعاء للقضاء عليه هو الاخر، وهكذا شن جيش الامام بالتعاون مع انصار الامير الكردي حكو هجوما على الجيش الايوبي في ذمار.
*عندما وصلت الاخبار الى المعز بهزيمة جيشه في ذمار والقاء القبض على قائدهم الشهاب الجزري حتى جهز جيشا جرارا جمعه من كل مناطق اليمن الاسفل وسار على راسه حتى بلغ عقيل صدر(ساره) فعسكر به في دار السلطان في الوقت الذي لم يدور بخلد الامام وحكو بان المعز قادر على تجهيز مثل هذا الجيش الكبير وبهذه السرعة.
*قتل المعز واخوه ايوب بن طغتكتين دون البلوغ، وكان مربيه سيف الدين سنقر هاربا منذ خروجه على المعز، ولما علم بمقتل المعز بادر الى حصن تعز حيث يقيم الامير ايوب واخذ البيعة له من كبار رجال الجيش واعيان الدولة، ولقب ايوب بالناصر،وقام سيف الدين بادارة شؤون الدولة عنه، واول ما فعله مصالحة الاكراد الذين قتلوا المعز في زبيد واخذ منهم البيعة لايوب.
*ذكر المؤرخون ان الملك الناصر ايوب بن طغتكتين بن ايوب توفي في صنعاء مسموما من قبل وزير غازي بن جبريل المذكور وذالك في عام 611 هجري وانه استاثر بالملك لنفسه ولقب نفسه بالظاهر وحلف له الجند بالولاء وضرب السكة باسمه وخطب له في صنعاء، ولكنه لم يلبث ان غادر صنعاء قاصدا تعز للاقامة فيها، ولما كان في السحول من بلاد احاط به اليمنيون وانهبوا احماله وتفرق عنه عساكره ولكنه استطاع ان ينجو بنفسه مع عدد قليل من الجنود.
*لما وصل سليمان بن تقي الدين الايوبي الى مكة لاداء نسك الحج في نفس عام وفاة السلطان ناصر بعد مقتل الوزير غازي بن جبريل وتنصيب الامير المجاهد استدعته والدة الناصر ووصل اليها في شهر ربيع الاول من العام المذكور، وطلبت منه ان يقوم بالامر وقالت له(( انا نخشى العرب ان تطمع فينا ونحن نساء لا حيلة لنا وقد ساقك الله الينا)) قبل طلبها وحلف رؤساء الجند ورجال الدولة على الولاء له في الشهر المذكور في حين ابتعد المجاهد عنه الى حصن السلطان( احد الحصون المنيعة في بلاد الحجرية) ولكن السلطان سليمان تمكن من القبض عليه واعتقاله.
*كما غزا المسعود مكة في العام المذكور واستولى عليها بالسيف وكان الحاكم فيها الشريف حسن بن علي بن قتادة ثم عاد الى زبيد ومنها وصل الى صنعاء.
*في 626هجري / 1228م غادر السلطان المسعود الايوبي اليمن الى مصر للمرة الثانية والاخيرة حيث استدعاه السلطان الكامل ملك مصر ليخلف ابن عمه المتوفي عيسى بن الملك العادل في ولاية الشام، ولفرحه بذالك انشاه سفره من اليمن وقد بدا به من المرض الذي اقعده في مكة وكان سبب وفاته فيها.
*الايوبيون احدى الاسر الاسلامية التي حكمت المشرق الاسلامي لاكثر من ثلاثة ارباع القرن اعتبارا من 569 هجري 1174م ولغاية 647 هجري ولغاية 674هجري/ 1250م.
وهم ينتمون من ناحية الاصل الى الجنس الكردي، ذالك الجنس الذي يقع موطنه في قلب الاحداث التي عاصرت المشرق الاسلامي ابان عصر الحروب الصليبية، فكان لهم دور لا يستهان به مع اشقائهم العرب ومن ثم العمل على تحرير المشرق الاسلامي منهم .
*مهما يكن من امر فان رواية اخرى لابن ابي طي تثبت بان ايوبا قد خدم السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي وانه اقطعه تكريت وفاء لامانته، ولما ولي السلطنة السلطان مسعود بن ملكشاه منح تكريت كاقطاع لبهروز الخادم شحنة بغداد، فاقر هذا نجم الدين ايوب مستحفظا لها واضاف اليه النظر في جميع المناطق المتاخمة لها.
*منذ لحضة وفاة اسد الدين شيركوه تطلع كثير من الامراء النورية الذين رافقوا الحملة الشامية الى مصر الى منصب الوزارة مثل قطب الدين ينال بن حسان المنبجي، وعين الدولة الياروقي، وشهاب الدين محمود الحارمي خال صلاح الدين، وسيف الدين احمد المشطوب الهكاري الكردي.
*حالما استقر صلاح الدين في الحكم بعد استيزاره من قبل الخليفة العبيدي العاضد بالله، بدا في محاولة ايجاد وحدة بين مصر وسوريا، وهذه لن تاتي من فراغ بل عليه ايجاد الوسائل اللازمة، فقد كانت هناك خلافتان تحكمان العالم الاسلامي انذاك الخلافة العباسية السنية في بغداد، والخلافة الباطنية في القاهرة،
*الجانب الاكثر اهمية الذي اولاه صلاح الدين القسط الاكبر من اهتمامه فهو التدابير الدينية اللازمة لاضعاف المؤسسة الاسماعيلية وتعزيز المذهب السني.
*لقد واجهت الناصر صلاح الدين في بدء حياته السياسية الكثير من الصعوبات والمعوقات التي تواجه اي شخص يعتلي منصبا خطيرا في دولة كانت تمر بمرحلة انتقالية.