اسم الكتاب: كردستان والسياسة السوفيتية في الشرق الاوسط
د. فاضل رسول
ترجمة عن الالمانية: غسان نعسان
مراجعة: ماموستا جعفر
الطبعة الثانية
اكاديمية التوعية وتاهيل الكوادر
السليمانية – 2013
مقدمة :
منذ صدور الطبعة الاولى لهذا الكتاب عام 2008 سرعان ما نفدت جميع نسخه ال (2500نسخة) واستمر الطلب من قبل مختلف شرائح القراء من الاوساط الفكرية والثقافية والسياسية للحصول على نسخة منه، نظرا لاهمية وحساسية موضوعه بالنسبة لجميع التيارات السياسية الكردية بمختلف اتجاهاتها من ناحية، وبسبب المكانة والسمعة التي يتمتع بهما مؤلف الكتاب الشهيد فاضل رسول كمثقف ومناضل في تاريخ الحركة التحررية القومية الكردية في كردستان عامة وفي اقليم كردستان العراق وكابن بار ومحل فخر لمدينته السليمانية من ناحية اخرى، الامر الذي حدا بنا للتفكير جديا منذ مدة طويلة باصدار طبعة جديدة تلبية لرغبة القراء الاكارم .
*يبحث هذا الكتاب العلاقات الكردية – السوفيتية وخلفيتها التاريخية بالترابط مع سياسة الاتحاد السوفيتي الشرق اوسطية، واحتمالات التطور المتوقعة في اطار عملية التفكك في الشرق الاوسط. ص29
*ادت الحرب بين الامبراطوريتين العثمانية والفارسية في القرنين (16) (17) الى وقوع ثلاثة ارباع كردستان تقريبا تحت السيطرة العثمانية. ومن هذه المنطقة انطلقت بداية تطور الوعي القومي الكردي، الذي اكتملت عناصره الاساسية في القرن (19). ص46
*المناطق الكردية في تركيا كانت الاقل تطورا من بقية اجزاء كردستان خلال السنوات الستين الاخيرة. وكانت ضحية سياسة اهملت تلك المنطقة عن عمد وبشكل منهجي.
*رغم ان المناطق الكردية في العراق، مقارنة مع المناطق الكردية الاخرى، عاشت نسبيا تطورا اجتماعيا – اقتصاديا مرتفعا، فان المناطق الكردية في هذا البلد ايضا مهملة وجرى توضيح هذا الاهمال في المطالب التي طالب الكرد بها بعد كل وقف اطلاق نار وقعوه مع الحكومة. ص58
*استطاع الاتحاد السوفيتي الاستفادة من علاقاته هذه باستخدامها كوسيلة ضغط على الحكومات كما في العراق، او في حالة انتصار حركات التحرر كما في الجزائر واليمن الجنوبية، استخدامها مباشرة. من موقع نظر دولي كان الصراع العربي الاسرائيلي بالنسبة للاتحاد السوفيتي وسيلة في غاية الاهمية لبسط نفوذه في المنطقة. ص93
*كان موقف الاتحاد السوفيتي في عهد ستالين يرفض الطرح القومي العربي. بما ان القومية العربية وفق عدد من التفسيرات الذاتية تحوي عناصر اسلامية، فقد قيمها المنظرون السوفيت، الملتزمون بتعاليم ستالين فيما يخص المسالة القومية، عن شعوب عربية، لم يعترفوا بوجود امة عربية ابدا، وبهذا وضعوا شرعية القومية العربية، التي كان اهم هدف بالنسبة لها توحيد الامة العربية المقسمة، موضع تساؤل. وقد قيمت احزاب المنطقة الشيوعية في سنوات الخمسينيات القومية العربية انطلاقا من هذا المفهوم، بالرجعية. ص97
*نظر الاتحاد السوفيتي الى الحرب الايرانية العراقية كفرصة جديدة له لكسب النفوذ في ايران. في التصريحات الرسمية التي اعلنها بريجينيف، رفض الاتحاد السوفيتي هذه الحرب بين دولتين يقيم معهما علاقات صداقة، الا انه كان يامل في الحقيقة باعتماد البلدين عليه بمدها بالاسلحة اللازمة لهذه الحرب، وكان يامل ان يتمكن من الارتباط بواحد من البلدين بشكل اقوى.ص113
*استطاع الاتحاد السوفيتي اكتساب النفوذ في منطقة الشرق الاوسط من خلال الازمة العربية الاسرائيلية قبل كل شئ، ومن خلال المصادمات بين دول المنطقة المختلفة، وعبر المواجهات بين المجموعات المعارضة ودولها منفردة، وبالطبع الى درجة معينة من خلال النموذج المجتمعي الذي تمكن الاتحاد السوفيتي من تقديمه. ص117
*نشر الاتحاد السوفيتي بتاريخ (14 تشرين الثاني 1917) (نداء الى العمال المسلمين في الشرق)، يدعوهم فيه الى النضال في سبيل حريتهم ضد الامبريالية. في هذا النداء تمت مخاطبة اثني عشر شعبا بالاسم – ذكر الارمن في مقطع خاص، رغم انهم ليسوا بمسلمين – واما الكرد، فلم يات النداء على ذكرهم. كما يصرح هذا النداء برفض روسيا السوفيتية اي نوع من تقسيم تركيا، التي سيظل قسم من الارمن فيها تحت السيادة التركية. الارمن يجب ان يمنحوا حق تقرير المصير، هذا المطلب سيؤدي، في حال توفر الظروف الملائمة، الى قيام دولة ارمنية مستقلة. ص155
*تحدد تاريخ الاحداث بالنسبة للكرد بدرجة كبيرة من خلال اتفاقيتي سيفر ولوزان، اللتين كانتا جزءا من جهود السلام الرامية الى انهاء الحرب. جرى في اتفاقية سيفرز سنة 1920 الاول مرة على الصعيد الدولي الاعتراف بحق الكرد بدولة مستقلة. ص169
*ادانت روسيا السوفيتية الاحتلال البريطاني للعراق ودعت الشعوب التي تعيش هناك للانتفاضة ضده. وعندما قامت الثورة العراقية ضد الاحتلال البريطاني سنة 1920، كتبت جريدة البرافدا: ((يا فلاحي ميسوبيتاميا! لقد صرح الانكليز بان بلدكم مستقل ولكن يوجد في وطنكم (80000) جندي بريطاني، وهم الذين ارتكبوا مذبحة في الفترة الاخيرة ومارسوا كل انواع الاضطهاد.)) ص173
*توجهت السياسة السوفيتية في السنوات ما بين توقيع اتفاقيات الصداقة مع كل ايران وتركيا، والحرب العالمية الثانية، نحو دعم حكومات الدولتين الصديقتين. الحركات الثورية التي قام بها الكرد بين سنوات (1925- 1939)، والتي قمعتها انظمة هذين البلدين، لهذا السبب ادانها الاتحاد السوفيتي.
ادى قرار عصبة الامم بالحاق جنوب كردستان بدولة العراق سنة (1925) الى اقتراب تركيا من الاتحاد السوفيتي اكثر. بعد يوم واحد من قرار عصبة الامم هذا، عقدت تركيا اتفاقية تعاون جديدة مع الاتحاد السوفيتي وبعد عدة اشهر اتفق الجانبان حول مراقبة مواطني الدولتين التركية والسوفيتية في المناطق الحدودية. وتضمن اتفاق البلدين على تبادل "المعلومات" فيما بينها. ص184
*لم يكن الحضور السوفيتي جديدا في كردستان : كانت هذه المنطقة قد احتلت اثناء الحرب العالمية الاولى من قبل القوات الروسية. لدى الكرد ذكريات مريرة عن هذا الاحتلال، رغم ان القوات الروسية، التي ظلت بعد ثورة اكتوبر فترة من الزمن، حاولت ان تنشئ علاقات جيدة مع السكان. ص195
*بعد الحرب العالمية الثانية بفترة وجيزة تكونت في مهاباد، وبتاثير من الحركة الكردية في العراق، مجموعة صغيرة من الكرد الشباب تحت اسم "كردستان الحرة". اثناء فترة الاجتياح السوفيتي لم تكن تلك المجموعة معروفة في الاوساط الكردية، ولم تكن ممثلة في الوفد الكردي الاول الذي سافر الى الاتحاد السوفيتي. الوثيقة الوحيدة المتبقية لهذه المجموعة، هي منشور تحيي فيه اجتياح القوات السوفيتية لكردستان، وربطت موقفها منه بالامل في ان يحصل الكرد على حقهم في تقرير المصير. ص199
*بعد سقوط مهاباد ولجوء البرزاني الى الاتحاد السوفيتي لم يعد يقتصر الحزب الديمقراطي الكردي نشاطاته على اهداف كردية – قومية، بل شارك في النضال من اجل اهداف اكثر عمومية معادية للامبريالية في العراق. جرى التنسيق في هذا المجال بين الحزب الديمقراطي الكردي والحزب الشيوعي العراقي والمنظمات الوطنية العراقية الاخرى. كان اهم انجاز لهم هو المساهمة في الانتفاضة الشعبية في بغداد سنة 1948 ضد المعاهدة البريطانية – العراقية الجديدة. عقد الحزب الديمقراطي الكردي سنة 1953 مؤتمره الثالث، واصدر برنامجا جديدا تضمن مطالب راديكالية، كما اتخذ موقفا مواليا للاتحاد السوفيتي بكل وضوح. ص243
*اسقط عدد من الضباط العسكريين ذوو الاتجاه الجمهوري المناهض للامبريالية بتاريخ تموز 1958 النظام المللكي في العراق. شكل هذا السقوط ضربة قاسية للمصالح البريطانية والغربية في الشرق الاوسط. ادركت القوى الغربية ذالك، وكانت ردة فعلها في العراق على الاحداث اسرع منها مما كانت ازاء الثورة في مصر. ص253
*خلال سنة 1961 ازدادت حدة التوتر في المواجهات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وعبد الكريم قاسم. في اذار 1961 حضرت صحيفة الحزب"خه بات"، واغلق في نيسان مكتب الحزب في بغداد وفي معظم المدن الكبيرة في كردستان. ص266
*ان القطيعة بين عبد الكريم قاسم والكرد لم تنه العلاقات الجيدة بين النظام العراقي والاتحاد السوفيتي، على العكس: حاول عبد الكريم قاسم تقوية علاقاته مع الاتحاد السوفيتي لانه احس بالعزلة سنة 1961 من خلال الحرب في كردستان، وبالدرجة الاولى عبر ازمته مع الكويت، وموقف القوى الغربية بهذا الخصوص. ص267
*رغم عدد من التقلبات التي طرات فان العلاقة بين الاتحاد السوفيتي والحركة الكردية القومية لم تصب بالشرخ، ومساعدات السوفيت للكرد ما بين سنوات 1961- 1974 لم تتوقف ابدا.ص270
*عندما بدات ثورة الكرد المسلحة ضد عبد الكريم قاسم كانت العلاقة بينه وبين الحزب الشيوعي العراقي نسبيا سيئة. بدافع الخوف من " الخطر الشيوعي" اظهر قاسم للقوى الغربية استعداده لتقبل الحلول الوسط. اوضح الاتحاد السوفيتي موقفه عبر محطة اذاعة" صوت الشعب العراقي" التي كانت تبث جمهورية المانيا الديمقراطية: يتعرض عبد الكريم قاسم للانتقاد باستمرار بسبب حربه ضد الكرد واضطهاده للحزب الشيوعي العراقي. ص271
*حاولت الحكومة في بغداد ان تقوم بالتنسيق العسكري مع دول الجوار التيس يعيش الكرد فيها، تركيا وسوريا وايران موجه ضد الكرد. حذر وزير الخارجية السوفيتي غروميكو بتاريخ 9 تموز 1963 دولا عدة من اتخاذ مثل تلك الاجراءات. ص279
*رغم الخلافات مع الكرد استمر الاتحاد السوفيتي في تقديم الدعم لهم. الدعم المعنوي والنشاطات الاعلامية التي قام بها الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية الاخرى في اوربا اسهم في التعريف بقضية الكرد على المستوى الدولي. ص281
*حكومة عبد السلام عارف التي تسلمت السلطة في العراق في تشرين الثاني 1963 لم تكن قريبة من الاتحاد السوفيتي. رغم ذالك فقد كانت بالنسبة للاتحاد السوفيتي خطوة متقدمة مقارنة مع حزب البعث العدواني. ص282
*ازدادت العلاقات الاقتصادية مع الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية الاخرى كثافة، واقتربت السياسة الخارجية التي انتهجها حزب البعث في الشرق الاوسط وفي مجمل المنطقة العربية من استراتيجية الاتحاد السوفيتي في المنطقة، بشكل كبير. ص290
*بعد مرور عدة اشهر فقط على اتفاقية 1970 نشات ازمات جديدة. الاستخبارات العراقية نظمت مؤامرة فاشلة لاغتيال البرزاني. في النقاشات حول تطبيق الحكم الذاتي الموعود ظهرت خلافات كبيرة في الراي، حول حدود منطقة الحكم الذاتي الموعود. وبدات الحكومة بحملة تهجير واسعة بهدف تعريب المناطق البترولية في كردستان.
كانت قيادة حزب البعث في ذالك الوقت مقتنعة بكل وضوح، بانها اذا ارادت تثبيت ذاتها كقوة مركزية، يجب عليها تصفية الحركة الكردية القومية. وكان هدفها الستراتيجي هو كسب مساعدة الحزب الشيوعي العراقي والاتحاد السوفيتي، وابعاد هاتين القوتين عن تحالفهما مع الحركة الكردية القومية. ص293
*كان توقيع الاتفاقية السوفيتية- العراقية بالنسبة للكرد دليلا على ان الاتحاد السوفيتي لن يقف على الحياه ازاء ازمة مستقبلية بين الحركة الكردية القومية والعراق. شعر الكرد ان التعاون العسكري المكثف الذي نصت الاتفاقية عليه موجه بكل وضوح ضدهم. ص297
*سنة 1977 تردت العلاقات بين الاتحاد السوفيتي والعراق بسرعة خاطفة، حيث جرى اقصاء الوزراء الشيوعيين من الحكومة العراقية وانتقل الحزب الشيوعي الى المعارضة، وعاد من جديد لمشاركة الكرد في الكفاح المسلح ضد النظام. وعادت العلاقات بين الاتحاد السوفيتي والاحزاب الكردية المعارضة. الا ان الحركة الكردية القومية، التي كانت في تلك الفترة غير موحدة واضعف مما كانت عليه قبل سنة 1975، لم تعد تعني الكثير بالنسبة للاتحاد السوفيتي، كما كنت بالنسبة له في بداية الستينات. ص304
*عندما اندلعت الحرب العراقية – الايرانية سنة 1980، ادان الحزب الشيوعي العراقي العراق، واعلن عن دعمه للثورة الايرانية المناهضة للامبريالية. استخدم الحزب ايران كقاعدة للانطلاق في نشاطاته في العراق. اعتبارا من سنة 1983 جرت سلسلة من التطورات الجديدة: اصبحت الحكومة العراقية بحاجة متزايدة الى المساعدات السوفيتية، والامال السوفيتية بتثبيت اقدامها في ايران تلاشت عبر حملة القمع التي قامت بها الحكومة الايرانية ضد حزب توده. ص317